في سابقة خطيرة، أدرجت السلطات المصرية الجزائر ضمن 5 دول عربية على "القائمة السوداء" بحجة ما تراه مصر "علاقة بعض مواطنيها بتنظيم القاعدة"، وبهذا الصدد، تناقلت أمس العديد من المصادر، أن هذا القرار المصري الغريب والعجيب، يسمح للمصالح الأمنية المصرية، بإخضاع مواطني كل من دول الجزائر، الصومال، العراق، اليمن، موريتانيا، لإجراءات "وقائية" خاصة، فيما ذكرت مصادر إعلامية أخرى اسم السعودية ضمن القائمة.
ويشمل القرار المصري المفاجئ وغير المبرّر، تنفيذ إجراءات أمنية على مواطني الدول العربية الخمس، حيث ستتضمن الفحص الشامل لجوازات سفرهم، مع المتابعة والرصد الدقيق لهم أثناء اقامتهم في مصر، موازاة مع قيام سلطات مطار القاهرة حتى يوم الثلاثاء الماضي، بتفتيش نحو 29 ألف راكب و182طرد.
ونقلت مجلة "روز اليوسف" المصرية، إنه تقرّر إدراج دول اليمن والعراق والصومال والجزائر وموريتانيا لما أسمته حسب مصادرها "وجود فروع لتنظيم القاعدة داخل هذه الدول"، فيما لم تذكر نفس الجريدة دولة السعودية!وعن الإجراءات الأمنية التي سيتم تنفيذها، قالت الصحافة المصرية، أنه سيتم فحص جوازات سفر المواطنين المنتمين لتلك الدول، بمنتهي الدقة فحصا شاملا بالإضافة إلى "التعاون الأمني" مع هذه الدول في محاولة لعدم وصول أي مشتبه به لمصر، وأنه "سيتم تتبع المشتبهين بهم حتي التأكد من عدم وجود أي صلة بالتنظيم الإرهابي"! ويأتي هذا القرار موازاة مع تماطل أو رفض السفارة المصرية بالجزائر، منح تأشيرة مصر لعدد من الطيّارين الجزائريين وكذا المدير العام للخطوط الجوية الجزائرية قصد السفر للمشاركة في مؤتمر مهني بالقاهرة، ولم يُفهم لحدّ الآن، مبرّرات وخلفيات، مثل هذه الإجراءات التي تبقى من جانب واحد فقط، ألا وهو الجانب المصري.
"القائمة السوداء" التي صنفت فيها مصر، الجزائر ضمن الدوّل "المصدّرة للإرهابيين والمشبوهين"، باسم محاربة "أذرع القاعدة"، في وقت تناست فيه المعاقل الفعلية لهذا التنظيم الارهابي، يعكس أن السلطات المصرية تتبنى طريقا غير مفهومة في تعاملها مع الجزائر، خاصة وأنها أدرجتها ضمن دول "ضعيفة"، إذا تمّ استثناء السعودية إن كانت هي الأخرى ضمن القائمة، وكذا اليمن، ما يُعطي الانطباع أن الجزائر هي "الهدف" و"المستهدف" من طرف السلطات المصرية، وليس تلك الدول سوى "طاقية إخفاء" أو شمّاعة للتمويه وتضليل الرأي العام وتغليطه بمبرّر أن القائمة لا تخصّ فقط الجزائر التي أصبحت مرجعا وحليفا في التنسيق الأمني والتعاون العسكري مع دول كبرى في مجال محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة!واللافت للانتباه، أن "القائمة السوداء" للسلطات المصرية، جاءت بعد عدّة أشهر، من إلغاء الولايات المتحدة وبعدها فرنسا، لقائمتين مشابهتين، وأكدتا أن الجزائر تبقى شريكا وحليفا قويا في محاربة الإرهاب الدولي، في ظلّ تحرّك الجزائر وإستنكارها لمثل هذه الإجراءات، في وقت امتنعت فيه دول من عيار بريطانيا عن إدراج اسم الجزائر ضمن الدول "المصدِّرة" للإرهاب.
وفيما تدرج مصر الجزائر ضمن "قائمتها السوداء"، كانت إدارة أمن النقل والمواصلات الأمريكية، أعلنت بداية أفريل الماضي، إسقاط الجزائر من قائمة ما أسمته "دولا راعية للإرهاب أو دولا مثيرة للاهتمام"، مثل باكستان واليمن ونيجيريا، وشملت تلك القائمة أربع دول وصفتها واشنطن بأنها "راعية للإرهاب" وهي كوبا والسودان وسوريا وإيران، أما الدول العشر الأخرى من الدول التي تعاني من وطأة الإرهاب فتضم سبع دول عربية هي: الجزائر والعراق ولبنان وليبيا والسعودية والصومال واليمن وأفغانستان ونيجيريا وباكستان.
وقبل لذلك التصنيف الأمريكي، احتجت الجزائر في حينها بقوّة، وهدّدت بالمعاملة بالمثل، كما استدعت وزارة الخارجية سفير الولايات المتحدة بالجزائر لإخطارها بـ'الاحتجاج الشديد' للحكومة الجزائرية على قرار السلطات الأميركية، القاضي بإخضاع رعاياها لرقابة أمنية إضافية في المطارات، واكدت أنه ليس له ما يبرره وأنه ينطوي على تمييز.
الخارجية أودعت شكوى رسمية لدى نظيرتها المصرية
مصر تمنع الجزائر من حضور اجتماع لاتحاد الطيران العربي ومعرض دولي للطيران
بوعبد الله: "القرار لا يستبعد أن يكون انتقاما لضماننا الجسر الجوي لنقل المناصرين"
أودعت وزارة الشؤون الخارجية، أمس، شكوى رسمية لدى نظيرتها المصرية بسبب رفض السفارة المصرية بالجزائر، منح وفدين جزائريين التأشيرة لدخول التراب المصري لحضور أشغال الجمعية العامة لاتحاد الطيران العربي، وكذا المعرض الدولي للطيران.
وقد تعمدت السلطات المصرية حرمان الوفدين المشكلين من 3 أعضاء و4 أعضاء على التوالي، كانوا سينتقلون إلى القاهرة تباعا، كل واحد على حدة، حيث كان مقررا أن يشارك الأول في أشغال الجمعية العامة لاتحاد الطيران العربي، والثاني في معرض "أفيكس" الدولي للطيران في دورته الرابعة، علما أن الطيارين والعاملين في مجال الطيران المدني تسعى السلطات الرسمية في أي بلد لمنحهم تسهيلات التنقل نحو الخارج.
وأكد، وحيد بوعبد الله، الرئيس المدير العام لشركة الخطوط الجوية، في تصريح لـ"الشروق"، أمس، أنه سلم مصالح الشؤون الخارجية شكوى رسمية بخصوص رفض مصالح الشؤون القنصلية بالسفارة المصرية تسليمهم تأشيرة دخول الأراضي المصرية، وقال "إنه لا يستبعد أن يكون القرار نابعا من عدم هضم السلطات المصرية قيام شركة الخطوط الجوية الجزائرية بضمان الجسر الجوي بين الجزائر والقاهرة لنقل المناصرين الجزائريين".
وفي وقت قامت فيه السفارة الجزائرية بالقاهرة دعوة العديد من الرسميين هناك، لحضور احتفالات ذكرى اندلاع الثورة التحريرية لتلطيف الأجواء بين البلدين، حرمت السلطات المصرية الجزائر من حضور أشغال الجمعية العامة لاتحاد الطيران العربي، وكذا من حضور معرض "أفيكس" الدولي للطيران في دورته الرابعة بمشاركة أكثر من 74 عارضا وأكثر من 15 شركة راعية للمعرض، الذي افتتحه الرئيس المصري، صباح أمس، وأقيم في شرم الشيخ وتنظمه وزارة الطيران الدولي كل عامين.